الجمهورية اللبنانية

كلمة الوزير منصور بطيش خلال مؤتمر الروتاري عن اهمية التضامن الاقتصادي واخلاقيات العمل الاجتماعي

الثلاثاء 07 أيار 2019

أَيّـهــا الحضــــور الكـريــــــم،

أَقِــــفُ بينكــم اليــوم زميلاً وصديقــاً مُؤمِنـاً بالقِـيَــمِ التـي تُـدافِــعُ عنهـــا "الـروتــاري" قَـبـــلَ أنْ أكـــون وزيـــراً يحـاوِلُ تَـرجَـمــة هـــذه القِـيَـــم فــي عَـمَـلِــهِ الـوزاري وسُـلــوكِــــه.

فَشكـــراً لكـم علـى الــدعــوة واللقـاء، والشكــر خصوصاً لتناولِكُم مواضيع تَــرفــعُ النقــاش مــن صغائِــر الخلافـــات إلــى رحـــاب الأهــــداف النبيلـــة للعمَــلِ والخدمَــة فــي سبيــل حيــاة أفضـــل للنــــاس.

وكمـــا قـيــــل:

La plus grande forme de charité

c’est la responsabilité politique

 

لقــد جعلتــم عِـنــوان مُـؤتَـمَــركـــم "الشبــاب مستقبلنـــا"، فـوضـعـتُمونـــا أمــام تَـحَـــدّي أن نكـــون علــى قـــدرِ طموحــات الشبــاب وأحلامهـــم، كمــا علــى قـــدر تَـمَـنـيـاتـنــــا لهـــم بــأن ينجحـــوا، حَـيْـــثُ فَـشِـــلَ جيـلُـنـــا مـــع الأســــف، فـــي بنـــاءِ مجتَـمـــع تَـحـكُـمُـــه القِــيَـــم والأخـــلاق ويتــرسَّـــخ فـيـــه الســـلام الإيجابـــي والتَنـمـيَـــة المُـسـتَــدامـــة.

ولأنَّ الشبـــاب هــم مستقبلـنــــا، فـمـــن مسؤوليتِـنــا أَنْ نُـعـيـــدَ بِـنـــاء حاضـرنــــا عـلــى أُسـسِ الســـلام الإيجـابـــي الــدائِـــم حَـيْـــثُ تَـســــود قِـيَــــمُ التَضامـــن الاقتِصادي وتحكـــم الأخلاقـيـــات العَـمَـــل المجتمعـــي. عَـلَّـنــــا بـذلـــك نُـمَـهِّـــدُ لهـــم الطــريــــق إلى ذلـــك المستقـبــــل المُشتهــــى.

فـكمــا بـــات معــروفـــاً، فإنّ الســـلام الإيجابـــي لا يعـنـــي فـقـــط غـيـــاب النـــزاعات العَـنـفـيـــة أو المُواجهـــات والإقـتِـتــــال.

فـــلا سَـــلام حَـيــــثُ الفَــــرد مُـحـتـــاج ومَـذلـــول وفَـقـيـــــر.

لا سَـــلام حَـيــــثُ الأضعف مهـمــــش ومـتـــــروك.

لا سَـــلام حَـيــــثُ تَفـــرضُ البَطـالــــةُ هِجــــرةً قَـسريــــةً علــى شَـبـابِـنـــا.

وكَمــا قــالَ البــابــا القــديــس يوحنـــا بولــس الثـانـــي:

"لا سَـلام يُـبنــى على القَهــرِ والظلــمِ بَــل علـى العدالــةِ والغفــران"

باختِصـــار لا سَــلام إيجابـــي إلاّ حيــن يَتَــرافـــق مـع العدالـــة الاجتِمـاعـيَّـــة.

وهـــو مــا حَـرِصنـــا على ترجَمتِه، ولو بخطوطِــه العَـريضــة، فـــي المُـوازنَــةِ التـي تتـــمُّ مناقشتُهــا فــي هــذه الفـتــــرة، فــي مَجلـس الـــوزراء. فنَحـــنُ علـى قنـاعَــةٍ أنَّ الاقتِـصـــاد المُـسـتَـقِــــر، المُنـتِـــج والمُؤَنـســـن بــوابـــة مِـــن بـوابــــاتِ العُـبــــورِ إلـــى السَــلامِ الإيجـابــــي. أمّا الطـريــــق إلـيـــه فتَحكمهـــا شـــروط التَـنميَــة المُستَــدامَـــة والتِّـجــــارة العـادلــــة وتَحفـيـــز بيئــة الأعمـــال واحتِـــرام حُـقــــوق الإنســان وفــي طليعتِهـــا حقّــــه بالـوصـــولِ إلــــى المعلومـــات.

 

نـعــــم أيّتهـــا السيّــــدات والســـادة،

السَلام خيــارٌ وأُسلــوب حيـــــاة. هـــــو تَـربيَــــة وثَـقــافَــــة مجتَـمــــع. هــــو هــــدف كـــلّ سياســة بمفهومِهـــا الحقـيـقــــي النبيـــل. وبِـقَـــدرِ مــــا نُـرسِّـــخُ قِـيَــــمَ السَـــلام فـــي مُجتَمَعِـنــــا بِقَــــدرِ مــا نَـبـتَـعِــــدُ عـــن الصِّـراعــــات ونَبـنـــي مُجتَـمَـعـــاً مُتَضـامِـنـــاً، مُنتِـجــــاً وبنّـــاءً علــى كــــلِّ المُـستَـويـــــات.

قـد تُـبـعِــدُنـــا السيـــاسَـــةُ التقـليـديَّـــــة عــــن الحـــرب لكنِّـهـــا لا تُـقــرِّبـنـــا مـــن السَـــلام إلاّ بمقـــدارِ مـــا تـــوفّـــق بيـــن مَبـــادئ العَـدالـــة الاجتِماعيَّـــة والاقتِصاديَّـــة والشعـــارات والعَناويـــن السياسيَّــــة.

وواجبُـنـــا الأخلاقــــي، قَـبـــل السياســـي، أَنْ نَـلتَـــزمَ بتَحقـيــــقِ نُـمـــوّ ينهـــض باقتِـصـاد البَـلَـــد ويفتـح آفــاق العَـمَـل أمـام شبابِـنــا. وعلينـــا أَنْ نُــدرِّبَهم علـــى مفاهـيـمِ قيميَّــة مِحـورهـــا المُصـالحـــة مع النفـس والآخـريـن. فيبنـون جُـســـور الثـقــــة والتَضـامــن الاجتِماعـــي ويعـبــــرون إلـــى فضـــاءات أكثـــر إنـسـانـيَّـــــة.

When there is a will there is a way

أيّهـــا الحُضــــور الكــريـــــم،

كنــتُ أودُّ أَنْ أخـتُــمَ بِتِـكــــرار شكــــري للــروتــــاري علــى مبادرتِهــم وعملِهــم مُـكـــرِّراً إعجابـــي وتَـقـديـــري لمـــا يـقــومـــون بــــه، لــــولا لم أنتبِـه أنـــي سأكـــون كمـــادح نـفـســـــه.

فـأنـا، المُنـتَـسِـب إلـى نـادي روتـاري- بيـروت الـذي تَـأَسَّـــسَ سـنة 1932، لـــي فـيـــه أَصدقـــاء وزمـــلاء نَـتَـشــارك القِـيَــــم نفسهـــا والأحــــلام والتَـطَــلُّعــــات نفسهـــــا.

لــــذا سأَكـتـفــــي بِـدعوتـنــــا جميعاً إلـــى بنـــاء مُجـتـمــــع الســــلام الإيجابــــي والاقتِـصــــاد المُـنـتِـــج والمُـؤَنـســــن والعَـــدالــــة الاجتِماعـيَّــــة وهــــو قَـلـيــــل مــــن كـثـيــــر يَـسـتَـحـقــــه شبابـنــــا وأجيالـــنـــا الآتـيَـــة.

المديرية العامة للحبوب والشمندر السكري

المديرية العامة للحبوب والشمندر السكري